Wednesday, December 14, 2005

اغتيال الأقلام الحرة

استهدف مسلسل الاغتيالات السياسية أول من أمس أبرز الصحافيين اللبنانيين وأكثرهم جرأة وشهرة. ولا يتميز جبران تويني بجرأته وشهرته فحسب بل أيضاً شبابه وصغر سنه. فمهما كان رأيي بمواقفه ومقالاته السياسية، إلا إنني أشفق على لبنان لأنه حُرم من إمكانية معاصرة مستقبل تويني والاستفادة من تنفيذ مشروعه.

لا شك في أن تويني كان أحد أجرأ المعارضين للنظام السياسي الذي كان سائداً في لبنان قبل اغتيال الرئيس رفيق الحريري وكان من القلائل الذين كانوا يسمون الأشخاص بأسمائهم في الوقت الذي كان الكثير من المعارضين يأبون الخوض بالأسماء.

لطالما كنت انتقد بقوة وزخم مقالات جبران تويني التي كانت دائماً مثيرة للجدل، لكنني لم أكن أعارض سياسته أو مواقفه السياسية بقدر ما كنت انتقد أسلوبه الذي كان يعتمد على إثارة الغرائز عوضاً عن تحدي العقل والمنطق من خلال الحجج المقنعة. وهذا الأمر كان يشجعني أكثر فأكثر إلى تفضيل الصحافي اللامع سمير قصير وانتقاد جبران تويني وأسلوبه. مما دفعني في لحظة غضبٍ وحقد بسبب استشهاد أستاذي سمير قصير إلى التساؤل لماذا لم يكن جبران تويني هو الضحية عوضاً عن سمير.

إنني اعتذر اليوم عن ورود هذه الفكرة المجنونة في ذهني في لحظة كانت عواطفي تجاه أستاذي وشعوري بالفقدان والأسف والحزن هو الذي يتملكني بدلاً من المنطق والعقلانية.

أما اليوم فإنني أسأل: لماذا استشهد سمير وجبران؟ من يسعى إلى حرمان لبنان من شبابه المثقف والجريء؟ من يريد أن يحرم لبنان من الفكر العصري والمتمدن والوطني؟

إن سمير قصير وجبران تويني أحبا وطنهما وناضلا من أجله كلٌّ على طريقته. كما أن هذين الشهيدين كانا ينظران إلى المستقبل وكان لديهما الكثير لتقديمه للبنان فكانا يضعان مشاريع لتطوير هذا الوطن للحد من الطائفية السياسية. قد قتل هذان الشخصان في أهم مرحلة من حياتهما. فبعد أن اكتسبا خبرة علمية وثقافية وحياتية مهمة وأصبحا قادرين على "الإنتاج" وتنفيذ المشاريع التي قضيا سنين الشباب بصوغها وبابتكار طرق تطبيقها وتخيل النتائج التي قد تسفر عنها، تربصت لهم الأيادي الجاهلة والمجرمة وأقفلت الباب أمام تطلعاتهم وحرمتهم من قطف بذور زرعهم.

من قرر القضاء على هذين الشابين كان برأيي يستهدف هذه المشاريع. إن هذا القاتل لا يهدف فقط إلى نشر الإرهاب وعدم الاستقرار وتوصيل الرسائل. بل هدفه يتخطى ذلك فهو يصبو إلى حرمان لبنان من قياديين عصريين مثقفين ومتمدنين كان بإمكانهم أن ينجحوا في انتشال لبنان من بؤرة الطائفية السياسية والتوريث السياسي "الغبي". فيا خوفي من أن تستمر الحالة على ما هي عليه ونجد أنفسنا في وطن يخشو شبابه التطلع إلى المستقبل والتحدث بحرية عن أحلامهم حفاظاً على حياتهم!

3 Comments:

Blogger Maldoror said...

I think that these assassinations will increase the sense of urgency and the feeling of patriotism. What may be lost on the other hand, is that those aspirations and dreams won't find a civilised and modern way to express themselves and that is what will make them stay unheard or unanswered.

10:01 AM  
Blogger Maldoror said...

Merry Xmas to you SH :)

12:38 PM  
Blogger SH said...

Merry Xmas and happy new year to u 2 hope this year will be free of assassinations and terror.

Thx Maldorotr.

2:36 PM  

Post a Comment

<< Home